
المرجع المُدرّسي يستهل بدرس التدبر في سورة العنكبوت ويؤكد أن أقوى الحروب حرب المستضعفين تجاه الأقوياء
05 Jun 2023
فور وصول سماحة المرجع المُدرّسي وجه سماحته إلى عقد دروس التدبر في القرآن الكريم في المدينة المنورة تأكيداً على أهمية الرجوع لجذور الثقافة الرسالية الأصيلة والتي يأتي في مقدمتها كتاب الله.
وقد عقد سماحته أول درس للتدبر في سورة العنكبوت مساء الأحد الموافق 25 ذو القعدة 1435هـ تالياً الآيات الأولى من السورة : (لم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3).
حيث بين سماحته سبب تسمية السورة بالعنكبوت حيث ذكرت اسم هذا الخلق في قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) [العنكبوت : 41]
كما بين سماحته الإطار العام للسورة والتي تتمحور حول التوحيد والشرك حيث ترمز السورة المباركة إلى خيوط الشرك التي تحيط بالبشر كإحاطة بيت العنكبوت بالذبابة.
ولذلك فإن على الإنسان أن يواجه التحديات ويمزق تلك الخيوط فكل ضعف ورذيلة شرك وكل قوة وفضيلة توحيد.
فالحياة صراع وحرب وإن أقوى الحروب ليست الحروب التي جرت بين الأقوياء بل هي الحروب التي تكون بين المستضعفين والأقوياء لأن هذه الحروب هي التي تسهم في تقدم البشرية ولذلك فالعلم لايزال يشهد ولادة العمالقة وتحول المستضعف إلى قوي.
وقبل أن يقول الإسلام للقوي لاتأكل الضعيف يقول للضعيف لم تركت القوي يأكلك وذلك من قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً ) [النساء : 97].
ومن اجل ذلك فلابد أن نقول للضعيف أنك لست ضعيفاً لنمنحه القوة والقدرة فيكتشف ركائز القوة لديه.
فمحور سورة العنكبوت هي يا أيها الإنسان واجه التحدي ونقاط الضعف لديك فترسم خارطة طريق له ليبقى قوياً وقادراً على تجاوز الإستضعاف.
وأول هذه معالم هذه الخارطة هو لماذا جاء الإنسان لهذه الحياة؟ هل ليعيش عيشة الدواجن أم يعيش عيشة الأسود؟ هي هي للكسالى أم للمثابرين؟
فالإيمان يساوي الحركية والجهاد وتحدي الفتن فتاريخ الأنبياء يعلمنا أنهم لايهربون من مواطن الفتنة بل نراهم يستمرؤونها وستلذون بالبلاء.
ومثال ذلك مؤمن آل يس وهو ليس بنبي بل رجل مؤمن وكذلك أصحاب سائر الأنبياء عليهم السلام.
فالإيمان يورث الحياة الكريمة في كل المستويات ولكن هناك ساعة للإبتلاء تفاجئ الإنسان من أجل أن يتصفى من الشوائب كما يتصفى الذهب من الشوائب.