العودة الله علاج مشاكلنا و أزماتنا
05 Jun 2023بسم الله الرحمن الرحيم
[وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلا مَّا تَتَذَكَّرُونَ * إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ]
صدق الله العلي العظيم
ما أكثر الانحراف و الفساد في الارض، فهل هناك نهاية لهذا الفساد العريض وهذه الضلالة الكبرى؟. تجد اليوم أن الدول التي كان يضرب بها المثل بالتقدم الصناعي والاقتصادي تعاني من حالات التباطؤ بل حالات الركود، منطقة اليورو مثلاً أصبحت تعاني من ازمة اقتصادية خانقة..
وهكذا أيضا لا تضع يدك على منطقة في العالم إلا وتجد فيها الكثير من المشاكل السياسية، وان لم تكن هناك حروب معلنة و ساخنة فهناك حروب باردة وصراعات مدمرة، وهكذا الوضع البيئي والمناخي، حيث الاحتباس الحراري ينذر بوضع سيء جدا لعالمنا في المستقبل لأنه وصل بحسب الخبراء الى مرحلة الخطر ولم يستطيعوا علاجه. عقدت وتعقد المؤتمرات تلو المؤتمرات ولم تنفع، و الصراعات التي نشبت خلال نصف القرن الماضي لا تزال قائمة، ميزانيات التسلح كانت و لا تزال في ارتفاع مطرد تبتلع امكانات الدول و الأمم، ولو أن هذه الترسانات من الاسلحة المدمرة استخدمت فسيكون هناك كوارث لا يمكن حتى بالتخيل ان نعرف ابعادها، وإن لم تستخدم فمعنى ذلك أن كل هذه الميزانيات التي تصرف على التسلح في العالم أهدرت فيما كان بالإمكان استثمارها لخير العالم وإنقاذ الناس وتحقيق النمو والتقدم. وربنا تعالى يقول: [ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس].
ونتسأل: هل هناك خلاص؟ والجواب: بلى؛
فربنا تعالى حينما خلقنا لم يخلقنا ليعذبنا، وفي الدعاء نقرأ: “سبحان الذي لا يؤاخذ أهل الارض بألوان العذاب” وهو قادر على ان يعذبنا بذنوبنا وما كسبت وتكسب ايدينا، ولكنه يعفو عن كثير. فهو سبحانه انما خلقنا ليرحمنا، وفتح لنا ابواب الرحمة، وأعطانا فرص بعد الاخرى لكي نعود اليه، ونحن الآن نتحدث ونحن في أشهر الرحمة الإلهية رجب الذي سمي في الاحاديث الشريفة برجب الأصب حيث ان الرحمة الالهية تصب على اهل الارض صبا، وهكذا شهر شعبان و رمضان، أشهر رحمة وبركة، وفي الحديث الشريف: “رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي”.
هذه محطات تزود عبادية وإيمانية متاحة للناس فتح الله تعالى فيها لهم ابواب رحمته، ومن ذلك فتح لهم بابا واسعا الى رحمته هو النبي محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين.فحينما تقترب الى الله زلفا بحبك للنبي وآله وبطاعتك وبولايتك لهم تقطع مسافات واسعة جدا في فترة قياسية قصيرة جدا. لأنك تدخل من باب الرحمة الذي فتحه الله.
إن البشرية ليس امامها إلا طريق واحد للتخلص من كل هذه الازمات سواء العسكرية منها أم الأمنية أو الإقتصادية أو ما يواجهها من مشاكل في و أزمات في الطبيعة من زلازل واحتباس وفيضانات وما شابه.. وطريق الخلاص هو العودة الى الله تعالى، الخالق الرازق المهيمن المعطي المحيي الرحمن الرحيم الحنان المنان، فهو الربّ الذي يحب عباده وخلقه. ومن الغريب أن ربنا سبحانه يتقرب ويتحبب الى الناس وهو غني عنهم، لكنك ترى انهم يتبغضون اليه ويبتعدون عنه!.
حينما نرى في مجتماعتنا اليوم تنتشر ظاهرة الإرهاب الأعمى ولا أستثني الإرهاب في دولة دون أخرى فنحن ضد الإرهاب اينما وقع، حينما نجد ذلك ينتشر و بسرعة كبيرة، هل فكرنا ملياً في سبب إنتشاره؟ في الحقيقة أن هذا الارهاب انما انتشر وينتشر اكثر فأكثر، لأن الناس ابتعدوا عن ربهم وعن تعاليم ربهم وعن القرآن الكريم و عن نبي الرحمة واهل بيته عليهم الصلاة السلام، ونحن يجب ان نعود الى الله بكل ابعاد حياتنا فكرا وثقافة وتخطيطا وسلوكا. وعلى اشباه العلماء ووعاظ السلاطين الذين يفتون بجرة قلم بفتاوى شريحية، أمثال هؤلاء الذين يسمون بالعلماء عليهم أن يفهموا ماذا يقولون و بماذا يفتون وجريرة ذلك وعظمه عند الله تعالى ونتائجه الوخيمة على الأمة، وهكذا اولئك ممن ينحدرون في الاعلام ويصبحون اقرب الى ابواق الشيطان ويبثوا عبر فضائياتهم الكراهية والتكفير والتعصب والشؤوم والأفكار السلبية، لابد ان يعرفوا أن لهذا نتائج وخيمة.
أين نحن، أين الأمة، أين هولاء من كلمة نبينا الاكرم المصطفى (ص) حينما يقول: “من أعان على قتل احد ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله”؟!..
أيها الكتاب والمثقفون والإعلاميون، اعملوا بأن بث الكراهية ليس في مصلحة أحد، فنحن يجب أن نبث الرحمة والمحبة والسلام، وبصراحة فإنه لولا هذا المتيسر في علماء الدين، من علماء النجف الاشرف و كربلاء المقدسة وقم المشرفة والأزهر، من العلماء الذين يبثون روح التسامح والتحابب والسلام، اقول لولا هؤلاء لكانت الظروف اسوأ.. لكن هذه الروح التي تدعو الى الله والى القيم المثلى والمحبة هذه الروح في الحقيقة هي التي حافظت على نوع من التوازن في العالم، ولو شئنا المزيد من التوازن و الرحمة لابد ان نعمل المزيد من بث روح المحبة والتسامح بين الناس.
بالإضافة الى ذلك، فمن المؤكد أن هناك اسباب اخرى للإرهاب والجريمة ومها الظلم والفقر و الطبقية والمحسوبية والفساد الاداري وما أشبه، كل ذلك يعد أيضا اسبابا ودواعي لتنامي الجريمة. ويجب معالجتها لاقتلاع جذور الجريمة، ومع ذلك ايضا، فإن العلاج الأساس لا يتم إلا بالعودة الى الله تعالى، والعودة الى الله سبحانه من ابرز علاماتها التضرع والدعاء، فهو يبني بينك وبين الله علاقة متصلة، وقد ورد في الروايات انك اذا اردت أن يكلمك الله بعزته وجلاله وجبروته وعظمته فاقرأ القران، وإذا اردت ان تتكلم مع الله فأدعوه.. لذا اقول لنفسي ولأخواني المؤمنين وأخواتي المؤمنات في كل مكان، هذه ايام الدعاء، ايام اشهر الرحمة وهذه الادعية المباركة التي وردت في هذه الاشهر هي من اعظمة وسائل الرحمة، فهي اولا تسهم في اصلاح حياتك كشخص، ثم انك بذلك تصلح ما بينك وبين الله، فيصلح الله ما بينك وبين الناس، بل أن الدعاء يصلح وينفع حتى محيطك الذي تعيش فيه. وربنا تعالى قد دعانا في أكثر من أية في القرآن الكريم وأمرنا بدعائه ووعدنا بالإجابة، ومن ذلك قوله تعالى: [وقال ربكم ادعوني أستجب لكم] ثم ينذرنا من مغبة ترك الدعاء وعدم الاستجابة لأمره تعالى بالقول: [ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين]. ويقول سبحانه: [وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون].
فيا ايها الاخوة والاخوات ادعو ربكم، سواء بالأدعية القرآنية والأدعية العظيمة المأثورة عن أهل البيت(ع)، او حتى باللغة واللهجة الدراجة، وأينما كان أحدنا في بيته او سائرا في طريقه او في عمله، فهو سبحانه سميع عليم و رؤوف رحيم، فلتكن لنا عادة الكلام مع ربنا على أي حال، ونسأله كل شيء ونقرن ذلك بالثقة به تعالى والتوكل عليه و بالعمل الصالح.
نحن نواجه ابتلاءات ومشاكل كثيرة وأزمات، نحن لدينا علماء وفقهاء وشباب بعمر الورود ورجال ونساء في سجون الظلمة في بعض البلدان، فعلينا جميعا ايها المؤمنون والمؤمنات ان ندعو الله حتى يفك عنا هذه العقد الصعبة ويزيل هذه الغمة ونتخلص من هذه الحروب والدمار والإرهاب، وتحل هذه المشاكل ويفرج عن المستضعفين وينصرهم، ادعوا الله بان يرفعها عن بلادنا.
إنه ولي التوفيق وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.