
بين الأمة التي يريدها الله ورسوله والأمة التي يتلاعب بها كهنة السلاطين وميراث التخلف والظلم
05 Jun 2023بسم الله الرحمن الرحيم
[إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ].
صدق الله العلي العظيم
لماذا تشتت الامة؟ ولماذا اختلفت حتى النخاع ودخلت في صراعات عبثية وتحولت الى طوائف شتى؟ أي حبل متين كان يشدنا الى بعضنا فتركنا التمسك به والاعتصام به حتى وصلت حالتنا الى هذه المرحلة الرديئة؟ ألا ينبغي لنا، الا يجب علينا، ان نجلس ونفكر لماذا كل ذلك؟ هل هذا قدر من الله تعالى علينا ام هذه ابتلاءات وفتن لا نستطيع عنها فكاكا ام ماذا؟ وهل هناك حلول؟
لو استمعت الى نشرة خبرية في أي مكان بالعالم لربما وجدت ان نصف هذه النشرة تخص العالم الاسلامي ولكن ليس من زاوية ان هذا العالم قد ازدهر واستطاع ان يتغلب على مشاكله واستطاع ان يبدع ويبتكر ويخدم العالم، انما من زاوية اخرى سيئة وسلبية. هجمات وقتال في الصومال، حرق للبلاد في نيجيريا، قتلى في افغانستان وباكستان، تفجيرات في المساجد والحسينيات في العراق، وان سمعت حديثا عن سوريا فقد سمعت عجبا!!.
أيها الشباب: فكر وثقافة الكراهية والتكفير بضاعة قطاع الطرق من كهنة السلاطين و أدعياء العلم الذين يقطعون الطريق بينكم وبين الله ورسوله والقرآن
أهذه هي الامة التي ارادها الله خير امة اخرجت للناس؟ الاجابة عن ذلك في كلمة وارجوا من اهل البصائر من الفقهاء والعلماء والمثقفين ومن يهمه امر هذه الامة ان يفكروا في هذه الكلمة او في اية حلول اخرى، ذلك لأن النبي (ص) حينما قال “من اصبح ولم يهتم بامور المسلمين فليس منهم” لم يوجب علينا ان نعمل يوميا في سبيل القضايا والاهتمامات الخاصة الضيقة و لأن لكل واحد من ابناء الامة شؤونه الخاصة به، لكن انما امرنا الله وامرنا رسول الله (ص) بان نهتم ونفكر، ان نقوم لله، ان نكون شهداء لله قوامين بالقسط، اما ان يعزل الانسان نفسه عن مسار الامة ويفكر فقط في نفسه فان ذلك لن يجديه نفعا.
فهو، اولاً: مسؤول يوم القيامة عما يجري في الامة. وثانيا: اذا كنت راكبا في سفينة في محيط هائج فتم خرق السفينة من زاوية ما فأن السفينة اذا غرقت تغرق أنت معها ايضا. وهكذا الامة حينما تغرق في اوحال الخلافات والصراعات والحروب الاهلية والمشاكل وغيرها فأنها تغرق بنا جميعا.. فأنت وانا وكل واحد منا جزء من هذه الامة ومايصيبها يصيبنا جميعا شئنا ام ابينا.
وأعود للاجابة عن السؤال والكلمة التي اريد ان اقولها هنا هي: نحن المسلمين لم نتمسك بالقران، ولم نتسمك بالنبي واهل بيته (ص). فربنا انما امرنا بإن نتمسك بهما وقال تعالى في سورة الأنعام: [وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم ايات الله وفيكم رسوله]. وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون].
حينما تركت الأمة قرآنها ونبيها
إذن حينما امرنا الله بان نعتصم بحبله فانما بالله وكتابه وبالله ورسوله. ومن ثم الرسول (ص) قال: “اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي” إستخلف اهل بيته الائمة المعصومين الطاهرين الذين الله طهرهم الله تعالى واذهب عنهم الرجس.ولذا وصلنا الى مانحن عليه من حال لما تركناهما.
يقول ربنا تعالى في خواتيم سورة الانفال: [ان الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم اولياء بعض] سواء الذي هاجر او الذي كانت الهجرة اليه واستقبل المهاجرين، سواء اولئك المؤمنين الذين يقومون بالجهاد في كل زمان او اولئك الذين يقومون بخدمتهم ونصرتهم، هؤلاء كلهم بعضهم اولياء بعض. ثم يأمرنا بان نكون في جبهة الايمان، لا أن يتقرب بعضنا الى الكفار ليحارب بهم المؤمنين وليستنصر بهم عليهم، فيقول ربنا تعالى: [الذين كفروا بعضهم اولياء بعضم الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير..] فلا يمكن لك يا انسان يا عاقل يا من تقرأ القران لايمكن لك ان تستند الى اسرائيل، الى الصهونية العالمية، لتقتل المؤمنين، لتقول أن هؤلاء يجب ان نقتلهم لانهم من كذا طائفة او من كذا حزب او يؤيدون الرئيس الفلاني، هذا معيب وهذه سخافة وتفاهة، الاجيال القادمة سوف تلعنكم اذا قمتم بهذا الاسلوب، تبيعون البلاد والاعراض للكفار والاعداء وتخالفون وتحاربون وتقتلون المؤمنين بمجموعة اوهام او احقاد.كيف يزعم ويدعي انه يمثل الايمان والإسلام هؤلاء الذين يخاطبون الناس ويملئون الشاشات بالدسائس وبث التفرقة الكراهية، ويقومون بالتحريض ضد المؤمنين، وبدس السموم من خلال الاخبار ومواقفهم و تحليلاتهم الفاسدة، ويصورون أن هذا من الاسلام؟! فيتأثر بهم مجاميع من الناس و الشباب البسطاء الذين لافهم ودراية كافية لهم بالدين و الذين تصدق عليهم كلمة امير المؤمنين عليه السلام انهم “همج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح”. فيما ربنا يقول أيها المؤمنون اتفقوا مع بعضكم، واختلفوا مع عدوكم: [محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم].
الاهواء والشيطان يدعوان الى الخلافات والصراعات والقتل على الهوية والحروب الاهلية ومن ثم في النهاية تكون الخسارة للجميع
ربنا تعالى امرنا بإن نتدبر في أيات القرآن الكريم، وان نعمل بكتابه، وان نتفهم ونجعل القران معيارا وميزانا، ولكننا ضيعنا ذلك حينما تركنا القران والتدبر فيه وذهبنا الى رواية فلان عن فلان، او وراية ينقلها شخص درس سنتين في معهد من المعاهد التي هي اشبه بمعاهد الكفر، لبث الكراهية، سنتين يقرأ ويجمع له مجموعة روايات معينة من جهة واحدة ثم يبثها بين الشباب فيثير فيهم الحميات الجاهلية والعصبيات والفكر الهدام بإسم الدين!؟
هولاء.. قطّاع طـُرق
ايها الشباب المؤمن اتركوا هؤلاء، فهؤلاء قطاع الطرق، يقطعون الطريق بينكم وبين الله، اذهب الى القران،انظر وتدبر وفكر بوعي وعمق ماذا يقول لك؟ تدبروا في القرآن وادرسوا التاريخ بفهم صحيح واستخدموا عقلوكم.
وباختصار فإن الكلمة التي اريد ان ابينها هي انه حينما ترك الناس التحاكم الى القران والى كلمات النبي (ص)واهل بيته(ع) والى التاريخ المشرق للبلاد الاسلامية، توحلوا في مجموعة سخافات هي في الحقيقة ميراث ظروف التخلف في الامة ومجموعة الحكام الظلمة الذين استخدموا مجموعة من ادعياء العلم من كهنة السلاطين، واذا بهؤلاء يبثون فيهم الفرقة، ثم يصل الأمر الى أنك حتى إن كنت غالبا فأنت خاسر في النهاية. وقد قلت كمثال على ذلك، في ايام الحرب الاهلية في لبنان قبل عقود من الزمن، وكذلك الحرب الاهلية في الصومال، وغير ذلك من التجارب السيئة، قلت لهم حينها: حتى من يظن نفسه أنه هو المنتصر فهو خاسر، فبما انتصاره وبمن وعلى من؟ فهل بأضعاف نفسه و هدم بلاده وتحوله ذيلا للاجنبي؟!.
وهكذا هناك تجارب سيئة وقد تكون ايجابية على المفكرين واهل البصائر ان يفهموها، ومن هذه التي رأيناها مؤخرا على سبيل المثال، تجربتين:
الاتعاظ والاستفادة من تجارب الاخرين
الاولى هي التجربة الايرانية: كان الناس والتيارات في اختلاف وتنافس وتحاكموا الى صناديق الاقتراع، وبالتالي حسنت هذه الصناديق الامر لتيار معين، وقبل التيار الآخر بالنتيجة وبفوز الآخر، وابدى استعداده للتعاون مع الفائز، ونتيجة ذلك انعكست ارتياحا للناس فالحصار الدولي والعقوبات والظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة في ايران ام تمنع الشعب من ان يدخل في منافسة انتخابية واضحة ومن ثم يفوز احدهم على الاخر،و بالتالي يقيمون بلدهم ويستطيعون ان يألفوا فيما بينهم و يبنوا بلدهم، وبالفعل هم بذلك انتصروا على انفسهم قبل ان ينتصروا على الاخر، ومشوا في طريقهم.
الثانية هي تجربة الدول الثمان: دول صناعية كبرى ذات مصالح مختلفة متباينة و رؤى مختلفة، بعضها رأسمالية وبعضها شبه اشتراكية، لا يجمعها ويوحدها نظام وفكر سياسي واقتصادي واحد، لكن حينما اجتمعوا وفكروا وناقشوا خرجوا بالتالي بقرارات معينة وواضحة في ما يتصل بمصتاحهم وظروفهم وقضايا العالم.
لماذا لا نأخذ العبر ونتعظ، وهذه التجارب لماذا لا تجعلنا نحن في سوريا في العراق و مصر وباقي بلاد الأمة، نفكر فيها ونستفيد منها لنبدء رحلة جديدة نحو الاصلاح و التقدم، والى متى نبقى لانحسن التصرف والقرار وطريقة حل الخلافات حتى على مستوى تعيين وترشيح محافظ في العراق مثلا، بحيث يتحول تعيين مسؤول اومحافظ الى مهاترات واتهامات متبادلة وفوضى وفراغ وتأخير كبير وهدر للوقت والفرص ونزاعات سياسية ليس لها آخر!؟
القرآن والرسول (ص) معيارا لتقييم وبناء حياتنا
تعالوا لنرجع الى القران والى الرسول و أهل بيته (ص) وهو رجوع الى الله تعالى، فالاهواء ووساوس الشطيان لايمكنها ان تتغلب علينا إذا ما توكلنا على الله وأخذنا بكلام ومنهج ربنا في القران وعلى لسان الرسول واهل بيته كمعيار لتقييم وبناء حياتنا. فالاهواء والشيطان يدعوان الى هذه الخلافات والصراعات والقتل على الهوية والحروب الاهلية ومن ثم في النهاية تكون خسارة للجميع.
لذا فإني ادعوا نفسي وإخواني من العلماء من المراجع و المفكرين والمثقفين و الخطباء ان يدعو الناس الى العودة الى القران، العودة الى الرسول وأهل بيته(ص) فبذلك فقط نستطيع ان نتغلب على التحديات وأوضاعنا وأزماتنا، ثم لنكون ان شاء الله تلك الامة التي بشر الله تعالى بها البشرية، الامة التي ينبغي ان تكون شاهدة على بقية الأمم تكون حجة ومعيار، وهذا لا يكون بهذا الا سلوب والمنهج المتبع حاليا،وكيف ندعوا الناس الى الاسلام في العالم وهم يرون مثلا هذا الاسلوب من التحريض والصراع و قتل الناس بعضهم لبعض بمزاعم سخيفة وفهم منحرف، وباسم الإسلام!؟ هذه الافكار الصهيونية الشاذة دخلت بلدان الأمة من خلال بعض العمائم المزيفة والاموال التي تفوح منها رائحة النفط والغاز وبعض الامراء والحكام المتوغلين في الجريمة و هم يبثون الافكار الهدامة عبر فضائيات دخيلة على العباد و البلاد، فإلى متى الانسياق مع هؤلاء الناعقين بالضلالة والكفر؟.. وللجميع اقول: سترون في النهاية كيف ان هؤلاء سيصبحون لعنة التاريخ كما اصبح بنوا امية لعنة في التاريخ، تماما مثل هؤلاء سيصبح السفيانيين الجدد هؤلاء لعنة يلفظهم العباد والبلاد، و لكن قبل ذلك ينبغي على الامة ان لاتسترسل في ثقافة التبرير والخمول و التنصل من حمل المسؤولية وعليها أن تتعظ بالتاريخ، بمصير معاوية ويزيد وبني مروان كيف فعلوا بانفسهم وبالناس والأمة ثم اصبحوا لعنة؟
مسؤولية الأمة
ترى احدهم من الحمقى ممن اعمى الحقد والجهالة قلبه وبصيرته يصرخ مؤخرا ويقول اعطوني عشرة من الشيعة حتى أنحرهم! هذا التفكير المعوج يجب أن يكون مرفوضا في الأمة، تفكير في نهاية التفاهة ونهاية الوحشية والنفاق، هذا نهج و تفكير بني أمية، وهذا لا يُنتج ويُنشر ويُسوق من فراغ، انما من خلال هذه العمائم المزيفة وأدعياء العلم الذين اصبحوا كهنة السلاطين يبيعون دينهم بدنيا غيرهم، وبعض فضائيات التكفير والتجهيل والتضليل التي ليست إلا بؤرة لنشر الكراهية و الرذيلة في الامة، هذه الأمة التي يجب عليها ان تنتفض وتعود بحق وبفهم واعي وصحيح الى دينها، ال القرآن وسيرة واخلاق نبي الرحمة (ص) واهل بيته (ع)، بالعودة الى العقل وتاريخها المضيىء.