Search Website

المرجع المُدرّسي: على الإنسان أن يحصل على اليقين في أموره الأستراتيجية وفي القضايا الهامة في حياته

المرجع المُدرّسي: على الإنسان أن يحصل على اليقين في أموره الأستراتيجية وفي القضايا الهامة في حياته

 

ألقى سماحة المرجع المُدرّسي دام ظله ليلة الإثنين الموافق 26 ذو القعدة 1435 هجرية الدرس الثاني من دروس التدبر في القرآن الكريم في سورة العنكبوت وفيما يلي ملخص لأهم ما جاء فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم

(الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)
البصائر التي نسوحيها من سورة العنكبوت شتى ..

فالبصيرة الأولى التي نستوحيها أن الإنسان يصرف المزيد من الوقت والجهد والتفكير في أمور لا تتستدعي ذلك.
بينما يترك القضايا الهامة والتي تسمى اليوم عندنا بالإستراتيجيات للظنون والتمنيات، وهذه مشكلة نجد التذكرة بها في آيات كثيرة ومواطن شتى من الذكر الحكيم.
فمثلاً هناك من يسأل عن قضايا كالجن والتاريخ والمستقبل وعن يسأل عما لا يعنيه لكنه لا يفكر في وصيته في قبره في قيامته أما القضايا الرئيسية فيدعها للظنون والتمنيات “أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”.

البصيرة الثانية: أن الإنسان يظن أن الإمهال إههمالٌ يقول بما أنني إلى الآن لم أفتتن ففي المستقبل أيضاً لن أفتتن فالحياة تسير كما يرام ولكنه يفاجأ فإذا به يفاجأ بداعش وحرب وما إلى ذلك.

وانا أستوحي هنا من كلمة (أن يتركوا) وكأن الإنسان بسبب غروره بما لديه من علم وقوة يظنأنه يستطيع أن ينفلت من السنن الإلهية.
كالمجرم الذي يهرب من القضاء والمتابعة ، فالأفضل للإنسان أن يتكيف مع هذه السنن ويدع الطغيان والمكابرة على الواقع.

البصيرة الثالثة: (أن يقولوا آمنا) القول هو الذي يعبر عن ضمير الإنسان ودون ذلك يعد مايقوله كذباً، فهناك من يظن أنه يكفي أن يقول أني مؤمن دون أن يصيبه شيئ، ولوكانت مجرد كلمة لكفى أن أن نشهد أن لا إله الا الله ..، فالإيمان يحتاج إلى تصديق، فالإيمان ليس مجرد كلمة تقال أو إدعاء أو تمني بل هو شيئ عظيم.

البصيرة الرابعة: على الإنسان أن يحصل على اليقين في أموره الأستراتيجية وفي القضايا الهامة في حياته، ومن عوامل الحصول على اليقين وعوامل الوصول إلى الحقيقة: هو دراسة التاريخ واساساً دراسة الحياة وحينما نقول تاريخ فلا يعني بالضرورة تاريخ الأنبياء أو ماشابه بل كل مايحيط ويرتبط بالإنسان كوفاة شخص قريب فأتفكر في موته وأعتبر.
أي دراسة الحياة بشكل عام ودراسة ماحوله من وقائع يومية فالذي يتأمل ما حوله ويعتتبر به يصل للحقائق بشكل مباشر ودون واسطة فيصل الى محض الحقيقة وحقيقة الحقيقة وهذه البصيرة مستقاة من قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ).

البصيرة الخامسة: الإنسان عادة يبتلى بخداع الذات كالنائم شديد الجوع الذي يحلم فيرى نفسه كأنه يأكل أو يشرب وهو خلو من ذلك.
كذلك هي محاولة إيهام النفس وخداع الذات عبر أحلام اليقظة التي تقوم بدور رئيسي في حجب الإنسان عن الحقيقة.

فكيف نخرق هذا الحجاب؟

بطريقة واحدة وهي:
بالتوجه إلى إحاطة الله سبحانه وتعالى بالإنسان علماً ومعرفةً بالواقع فإذا عرف الإنسان أن ربه يحيط به بصورة واضحة جداً هو يرى خداعه لنفسه بلا معنى فتفضح نفسه أمامه كما تفضح الكاميرا المجرمين.
ولننظر للتعبير (فليعلمن الله) يعني تهرب تخدع نفسك فكيف تتعامل مع علم الله فالأفضل للإنسان بدل أن يحتجب وراء تسولاات النفس ووساوس الشيطان وخداع الذات ينكشف أما الحقيقة ويكون صادقاً.

البصيرة السادسة: هنا بصيرة مهم حينما يقول تعالى (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا) نساءل ياربنا من هم الذين صدقوا وماهي صفاتهم ؟
في سورة الأحزاب : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب : 23]
فذلك قضى نحبه كشهيد وعلى الباقين أن ينتظروا الشهادة فإذا أردت أن وتجرب وتعرف نفسك هل أنك صادق فانظر كيف هو انتظارك للموت، إذا كنت مستعد للموت وقد لاتتموت الا عند اجلك فالموت بأجل وكل واحد يموت بأجله (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ [آل عمران : 145]
قد يقول قائل أني كلما فكرت بالموت لا أشتطيع ويقشعر جلدي ولكن لابأس ولكن لابد أن تعترف بهذا في نفسك وتبدأ بتزكية نفسك حتى تصل لمرتبة علي بن ابي طالب يقول والله لا أبالي أوقع الموت علي أم وقعت عليه أو كعلي الأكبر بقوله والله لانبالي أوقع الموت علينا أم وقعنا عليه.
البصيرة السابعة: هناك طريقتان اوحالتان في مواجهة الإنسان الحقائق الصعبة لأنه يرتاع من الموت فيبعد تفكيره:

1- الإنسان يتصور أنه يستطيع أن يواجه من يواجهونه ويسميهم القرآن ب (المعاجزين)

2- يوهم الإنسان نفسه أنه قادر على أن يتهرب من سنن الله:
(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )[الجمعة : 8]
(أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ).
وهنا في قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ) لفته مهمة وهو أن الإنسان في البداية يظن حتى يصير الحسبان والظن حكم قاطع وكأنه بين الإنسان والسنة الإلية يحاول أن يسبقها ويهرب منها وهذا الظن حين يتحول حكماً وقطعاً يكون حكماً سيئاً .

وصل اللهم على محمد وآله الطاهرين