
8 شوال ومسؤولية الدفاع عن كرامة الأمة
05 Jun 2023
ــ
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل 91 عاماً وفي يوم (الثامن من شوال المكرّم) قامت فرقة ضالة بالإعتداء على مراقد الأئمة الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام، وزوجات، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في البقيع الغرقد بالمدينة المنورة، وهدمها وتسويتها بالأرض، والقضاء على كل معالمها. وكانت الفرقة الضالّة هذه تسعى لهدم مرقد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله أيضاً، إلا أن تحرّك العالم الإسلامي في يومه والضغط على السلطات المتواطئة مع الفرقة الضالّة، منعهم من إكمال خطتهم العدوانية الخبيثة.
ويُحيي الكثير من المؤمنين هذه المناسبة كل عام بعقد المجالس وإلقاء المحاضرات وإعلان الحداد والعزاء.
ولكن هل يكفي هذا؟ هل هذا الإجراء المحدود والمكرَّر كل عام سيرفع المآذن والقباب من جديد في البقيع الغرقد؟ وهل يردع ذيول الفرقة الضالة – التي نشطت اليوم مرة أخرى في هدم مراقد الأولياء والصالحين هنا وهناك – عن التمادي في هذا الغي؟.
إن المؤمرات التي أخذت تتسع اليوم لاستهداف كيان الأمة الإسلامية وبالذات الإسلام الأصيل المتمثل في نهج أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعليهم، لن تتوقف عن تنفيذ الخطط الهدّامة إن لم يواجهها المخلصون من أبناء الأمة بالتصدي والمواجهة.
إن العصابات التكفيرية الضالّة، وبالتحالف مع حثالات البعث الصدامي الذليل، وبمساندة الدولارات النفطية، وخطط الصهيونية العالمية والإستكبار، تعمل اليوم على التمدّد في العراق وسوريا ولبنان.
وواجب الأمة – كما أفتى مراجع الدين العظام وبالأخص سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله – هو الدفاع عن الامة ومقدساتها بكل الإعداد والقوة، وعلى سائر المؤمنين في مختلف البلاد دعم وإسناد المدافعين بالمال وسائر الإمكانيات والتجهيزات اللازمة.
فالمتواجدون في البلاد والمدن والمناطق المهدَّدة مباشرة يجب عليهم الدفاع عن مقدساتهم ومدنهم وأنفسهم وأعراضهم، وعلى المتواجدين في المناطق الأخرى دعم المدافعين وإسنادهم، فالله تعالى يقول:
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحجرات،15).
فالمؤمن الصادق يجاهد بنفسه، فإن لم يمكنه ذلك يجاهد بأمواله.
فلا يكفي عقد المجالس والمحاضرات وهيئات العزاء فقط، بل اللازم أن يستتبع ذلك، العمل الحثيث على تنظيم الطاقات في هيئات تربوية، ولجان عمل ودفاع وإسناد، للوقوف في وجه تمدد العصابات الضالّة والمجرمة.
ولا تتحدّد المسؤولية في نطاق جماعة خاصة، بل كل الفئات والجماعات في ذلك سواء، فعلماء الدين والخطباء، والمثقفون والجامعيون، والتجار والكسبة، والطلاب والعمال والموظفون، الرجال والنساء، الشيوخ والشباب، يتحملون المسؤولية في حماية الإسلام والمسلمين، ودرء الأخطاء عن كيان الأمة وكرامتها، والدفاع عن المستضعفين.
قال الله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا. الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (النساء، 75و76).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
وقال صلى الله عليه وآله: (من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم).
وقال: (ومن سمع رجلاً ينادي: يا للمسليمن، فلم يجبه فليس بمسلم).
وقال: (من ردّ عن قوم من المسلمين عاديةً أو ناراً وجبت له الجنة).
وعلينا جميعاً – ونحن نواجه التحديات الصعبة – ان نعتصم بحبل الله، ونتجنب التمزق والتفرق حتى نضمن النصر بإذن الله تعالى:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا…).
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
مكتب المرجع الديني آية الله العظمى المدرسي