Search Website

ميراث عاشوراء (5) – كربلاء ثورة الخلود

ميراث عاشوراء (5) – كربلاء ثورة الخلود

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذيرا * وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنيرا * وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبيرا * وَ لا تُطِعِ الْكافِرينَ وَ الْمُنافِقينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ وَكيلا}[1].

وقال سيدنا ابو عبد الله الحسين عليه السلام:”اللَّهُمَ‏ إِنَّكَ‏ تَعْلَمُ‏ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَا كَانَ مِنَّا تَنَافُساً فِي سُلْطَانٍ وَ لَا الْتِمَاساً مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ‏ وَ لَكِنْ لِنُرِيَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ وَ نُظْهِرَ الْإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ وَ يَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَ يُعْمَلَ بِفَرَائِضِكَ وَ سُنَنِكَ وَ أَحْكَامِك‏

ملحمة كربلاء كانت بركاناً تفجر بالخير، ارأيت الزلزال كيف يهز الجبال الراسيات؟ ارأيت السيول المتدفقة التي تعصف بالبلاد والعباد؟ اسمعت بالسونامي حينما تبتلع المدن المحيطة بالبحار؟

ان ملحمة كربلاء اعظم من كل ذلك، ولذلك فهي الحقيقة التي خلدت في التاريخ.

وقد انبأنا الرب سبحانه عبر جبرئيل عبر النبي صلى الله عليه واله، عبر امير المؤمنين، عبر الحسين الشهيد، عبر السيدة زينب، عبر الامام زين العابدين عليه السلام، ان الله سيبعث اقواماً لا تعرفهم جبابرة الارض، ينصبون في هذا الطف – اي كربلاء – علماً يستضيء به اهل العالم، لا يزداد يوماً بعد يوم الا سناءاً وعلواً، وليجتهدن ائمة الكفر على ان يطمسوا اثره، ولكنهم لا يقدرون على ذلك ابداً، حيث قالت السيدة زينب تخاطب ابن اخيها زين العابدين عليهما السلام:”وَ يَنْصِبُونَ لِهَذَا الطَّفِ‏ عَلَماً لِقَبْرِ أَبِيكَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ لَا يَدْرُسُ أَثَرُهُ وَ لَا يَعْفُو رَسْمُهُ عَلَى كُرُورِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامِ وَ لَيَجْتَهِدَنَّ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَ أَشْيَاعُ الضَّلَالَةِ فِي مَحْوِهِ وَ تَطْمِيسِهِ فَلَا يَزْدَادُ أَثَرُهُ إِلَّا ظُهُوراً وَ أَمْرُهُ إِلَّا عُلُوّا[2].

لماذا هذا الخلود لكربلاء؟

لماذا يكتب الرب على ساق العرش، انه – اي الحسين عليه السلام – مصباح هدىً وسفينة نجاة؟ العرش الذي يهيمن على مليارات العوالم والكواكب؟ حيث اخبر النبي صلى الله عليه واله، ابنه الحسين وهو صغير بأن اسمه مكتوب على ساق العرش بهذه الصفات، فعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ:”دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله وَ عِنْدَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله: مَرْحَباً بِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَا زَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ .

قَالَ لَهُ أُبَيُّ وَ كَيْفَ يَكُونُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ أَحَدٌ غَيْرُكَ؟

فَقَالَ يَا أُبَيُّ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي السَّمَاءِ أَكْبَرُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ‏ اللَّهِ مِصْبَاحُ‏ هُدًى‏ وَ سَفِينَةُ نَجَاة…”[3].

ما هو سر الخلود في هذه الملحمة، التي هي واحدة من ملايين الملاحم التي جرت على مر التاريخ؟

في الاجابة على هذه الاسئلة نقول:

ان الشيء الوحيد المستمر، والذي لا يتغير ابداً، هو الله سبحانه وتعالى، وما يتصل به عزوجل الذي يسمى بـ (وجه الله) هو الاخر مستمر وباقٍ، فكل شيء فانٍ الا وجهه سبحانه وتعالى.

ومن وجه الله ؛ سننه الراسخة في خلقه، فلله في خلقه سنن، ولا تتغير هذه السنن لاتصالها باسماء الله الحسنى الثابتة. فكما ان اسماءه الحسنى ثابتة ولا تتغير، كذلك فان سننه خالدة ولا تتبدل، ومن هنا فان كل عمل يعمله البشر، اذا اتصل بهذه السنن سيكون ميموناً مباركاً وباقياً.

وهكذا ؛ فان نهضة الامام الحسين، عليه السلام، كانت نهضة مباركة لاتصالها بسنن الرب، بل كانت الثورة محظ الايمان الخالص، والاسلام النقي، فلم تشذ حركة الامام عليه السلام عن سنن الرب قيد انملة.

لم اجد، ولن يجد من يبحث في سيرة الامام وثورته نقطة فراغ واحدة، او انحرافٍ مهما صغر، او حيداً مهما ضئل عن الصراط المستقيم. فلقد كانت نهضة الامام الحسين عليه السلام، نهضة الهية، فخلدت، وخلد كل ما اتصل بها.

هذا هو السبب الرئيس في خلود ثورة ابي عبد الله الحسين عليه السلام، اما الاسباب الاخرى فهي ليست سوى تجليات لهذه السنن.

لتوضيح ذلك نقول: ان سنن الله سبحانه شتّى، لاتصال كل سنة بإسم من اسماءه الحسنى، وبذلك فان كل سنة من سنن الرب ترتبط بجانب من جوانب الحياة، فبعضها يرتبط بالعقل، وبعضها بالعاطفة، وبعضها بالمجتمع و هكذا..

وجميع تلك السنن المختلفة اجتمعت في ملحمة الطف بلا نقصان، ومعرفتنا العميقة بقضية الامام الحسين عليه السلام، وبسنن الرب في الخلق، تسمح لنا بمعرفة سر بقاء تلك الثورة وانتشارها في الافاق، وتعاليها على سائر الحركات، وكذلك سنعرف مسؤوليتنا تجاه هذه الثورة.

ثورة عاطفية

كانت ثورة الامام الحسين ثورة عاطفية تفجرت في كل مكان في العالم، تحرك عواطف الناس بمختلف مذاهبهم ومعتقداتهم.

ففي الامس كان يوم الرضيع العالمي، الذي انطلق قبل سنوات، واحتفى به الملايين في كل اصقاع العالم، ويزداد انتشاراً عاماً بعد عام في كل مكان.

وقد كتبت جريدة المانية عن هذه الفعالية في السنوات الماضية، ان هذا المشروع امر جديد اتخذه ابناء مدرسة اهل البيت للتعبير عن مظلوميتهم، وسوف يغيرون العالم بقضية الرضيع في كربلاء، اذ لا يوجد شيء اكثر اثارة للعاطفة الانسانية كالطفولة البريئة.

ولقد كان الجانب العاطفي محسوباً في مخطط الامام الحسين عليه السلام منذ ان اراد الخروج من مكة المكرمة، حين اختلى بأخيه محمد ابن الحنفية، فسأله الاخير عن سبب خروج الامام الى العراق وقد علم منهم الغدر والخيانة لأبيه و من بعده اخيه الامام الحسن عليه السلام؟

فقال له عليه السلام: أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله، بَعْدَ مَا فَارَقْتُكَ فَقَالَ يَا حُسَيْنُ اخْرُجْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ أَنْ يَرَاكَ قَتِيلًا .

فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏ فَمَا مَعْنَى حَمْلِكَ هَؤُلَاءِ النِّسَاءَ مَعَكَ وَ أَنْتَ تَخْرُجُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَالِ؟

 قَالَ فَقَالَ لِي صلى الله عليه واله إِنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ أَنْ يَرَاهُنَّ سَبَايَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ مَضَى”[4].

وهكذا كانت القضية قد خططت من ذي قبل بتخطيط رسول الله صلى الله عليه واله .

لقد قام اعداء الايمان بتقطيع جسد الامام الحسين عليه السلام، وحملوا رأسه فطافوا به البلاد طولاً وعرضاً، فهناك اكثر من موقع يسمى بمسجد رأس الحسين، عليه السلام، بدءاً من النجف الاشرف، ومروراً بموصل وحلب ولبنان والشام وفلسطين، وانتهاءاً بمصر.

لماذا طاف هؤلاء الارجاس برأس الامام هذه المدن المتباعدة؟ الم يكن يكفهم قتله وسبي نساءه؟

اراد هؤلاء – حسب زعمهم – ان يعلنوا للعالم انهم قد انتصروا، ولكن كان فعلهم انتصاراً للامام عليه السلام من حيث لا يشعرون، فكان فعلهم سبباً في انتشار رسالة الامام وظلامته في كل مكان في العالم الاسلامي، وهكذا فلابد للنور ان يضيء العالم.

وقد ذكرت سابقاً ان رأس ابي عبد الله الحسين عليه السلام، قد تلى القرآن في اكثر من ثلاثين موضع، ليكون عبرة وعبرة.

انها ثورة عاطفية بكل جوانبها، قصة الرضيع، وسيرة زينب، و السيدة رقية، و السبايا، و.. كلها مآسي تثير كل عاطفة في العالم، مهما كان دين ومذهب المتلقي.

ثورة ربانية

من جانب اخر، كانت الثورة ثورةً الهية ميمونة، تحمل الى الناس الفكر والمعرفة و العلم، فكل خطب واحاديث الامام الحسين عليه السلام منذ خروجه من المدينة وحتى استشهاده في اليوم العاشر من محرم الحرام، كانت زاخرة بالعلم والمعرفة وبيان للعقائد وتثبيت للشرائع والاحكام.

وكذلك كانت خطب السيدة زينب والامام زين العابدين عليهما السلام، خطباً ملئى بذكر الله سبحانه وتذكير الناس بالدين الاسلامي وركائزه.

وشواهد هذا الامر كثيرة في هذه الثورة المباركة، ففي ليلة العاشر من محرم طلب الامام الحسين من الاعداء ان يمهلوهم سواد تلك الليلة، ليتزودوا بقراءة القرآن والتعبد لله عزوجل، وبالفعل اشتغل كل من كان في معسكر الامام عليه السلام، بالتبتل والعبادة، حتى كان يسمع منهم دويٌ كدوي النحل.

وفي اليوم الحادي عشر من شهر المحرم، حيث اركبوا السبايا على النياق، لم يكن بمقدور الامام زين العابدين عليه السلام ان يستمسك على الناقة، لشدة مرضه، فشدوا الامام بالناقة بسلاسل من حديد .. فراح الامام يبكي بكاءاً مرّاً . فلما شمت به بعض الاعداء، فذكر له الامام ان سبب بكاءه هو تذكره سلاسل نار جهنم التي ذرعها سبعون ذراعاً.

وقد سأل يزيد، لعنه الله، قائد ركب السبايا من الكوفة الى الشام عن السبايا، فقال كانت فيهم خصلتان اعجبتني، الاولى: اطاعتهم التامة والمطلقة للسيدة زينب سلام الله عليها، رغم شدة المحن، وصعوبة الاسر.

الثانية: عدم سماعه كلمة فحش منهم ابداً.

فعجب يزيد من ذلك، وتمنى ان كان هو اسيراً بيدهم.

نعم، كانت الثورة الحسينية تحمل جميع القيم السامية، فكان جميع اصحابها في قمة القمم، في الاخلاق، والصبر والتعبد و .. وتلك كلمة السيد زينب بقيت مدوية في التاريخ حيث تقول للشامت:”ما رأيت الا جميلا”[5]. انها كلمة ان وزنت بكل العالم لزانته.

ولم تترك السيدة زينب عبادتها لله سبحانه وتعالى، حتى النوافل، اذ صلّت صلاة الليل في ليلة الحادي عشر من شهر محرم، ولكن من جلوس لعدم استطاعتها الوقوف في الصلاة بسبب المآسي.

كل ذلك دليل على ان الثورة كانت الهية بكل معنى الكلمة.

ثورة دينية

لم تكن ثورة الامام الحسين ثورة عنصرية او حزبية، او ثورة ذات اهداف ضيقة، كالبحث عن السلطة والحكومة، بل كانت ثورة تهدف ترسيخ الدين، فقد قال سيد الشهداء عليه السلام: اللَّهُمَ‏ إِنَّكَ‏ تَعْلَمُ‏ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَا كَانَ مِنَّا تَنَافُساً فِي سُلْطَانٍ وَ لَا الْتِمَاساً مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ‏“.

فقد وجه الامام كلامه لربه، لأن الناس لم يكونوا يصدقونه، ولكن الله كان يعلم نية سيد الشهداء عليه السلام.

فلم يكن يبحث عن حطام الدنيا، او تسلط على الامة، بل كان من اجل بلورة معالم الدين، التي ضاعت بسبب شهوات السلطات الظالمة.

فكانت اهداف حركة الامام الحسين عليه السلام، كاهداف جده النبي صلى الله عليه واله التي قال عنها الرب: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذيرا * وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنيرا}، اهدافه ذات افق واسع وامد بعيد، وهكذا كتبت لهذه الثورة الخلود كما كتبت لرسالة النبي صلى الله عليه واله بالبقاء الى يوم الدين.

مسؤوليتنا ازاء الثورة الحسينية

من رحمة الله سبحانه علينا، ان جعل لنا الفرصة لنكون من المساهمين في تخليد حركة الامام الحسين عليه السلام، ولنكون من المساهمين في هذا الامر فقد أُمرنا بالبكاء على قضية سيد الشهداء، لأن قيام الامام، كان قياماً عاطفياً، ولابد له ان يستمر، والدموع الجارية هي التي تسقيه وتضمن استمراره.

هناك رأي للبعض يقول فيه ان الامام الحسين شهيد العِبرة، دون العَبرة، وهذا الكلام غير صائب، اذ ان ثورة الامام تحمل الجانبين، ولا يقل جانب منهما على الاخر . وقد غفل هؤلاء عن قول الامام المعصوم في زيارة جده المظلوم:” السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَرِيعَ الْعَبْرَةِ السَّاكِبَة ..”، اذ ان العِبرة في القلب، ولا تسكب، بل العَبرة هي التي تسكب.

ومن هنا يقول الامام الرضا عليه السلام:”يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ‏ كُنْتَ‏ بَاكِياً لِشَيْ‏ءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْش‏”[6] . معنى ذلك، ان كان هناك شيء يستحق البكاء عليه فهو الحسين عليه السلام.

ثم قال عليه السلام:”يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ بَكَيْتَ عَلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام حَتَّى تَصِيرَ دُمُوعُكَ عَلَى خَدَّيْكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتَهُ صَغِيراً كَانَ أَوْ كَبِيراً قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرا”[7].

إن مسيرة البكاء على سيد الشهداء دشنها اهل البيت عليهم السلام، قبل ان يقتل الامام عليه السلام، وقد اصر الائمة عليهم السلام على هذه القضية، فكان ذلك سبباً في بقاء قضية البكاء على سيد الشهداء عليه السلام.

ذلك لأن الباكي على سيد الشهداء ينقي قلبه من الادران، ويتخلص من الاغلال، وبذلك تتنزل عليه الرحمة الالهية.

وكما البكاء على سيد الشهداء، كذلك سائر الشعائر كزيارة الامام الحسين او المشيء الى زيارته، فقد قال الامام الرضا عليه السلام:”يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَا ذَنْبَ عَلَيْكَ فَزُرِ الْحُسَيْنَ عليه السلام”[8] . و مثل هذا النص عشرات بل مئات النصوص التي تؤكد على ثواب وعظمة زيارة الامام الحسين عليه السلام، كقول الامام الصادق عليه السلام”مَنْ زَارَ الْحُسَيْنَ مُحْتَسِباً لَا أَشَراً وَ لَا بَطَراً وَ لَا رِيَاءً وَ لَا سُمْعَةً مُحِّصَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يُمَحَّصُ الثَّوْبُ بِالْمَاءِ فَلَا يَبْقَى عَلَيْهِ دَنَسٌ وَ يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِ‏ خُطْوَةٍ حِجَّةٌ وَ كُلِّ مَا رَفَعَ قَدَماً عُمْرَةٌ”[9].

إن احاديث الائمة عليهم افضل الصلاة والسلام كثيرة، في المجالات المختلفة، ولكن تختلف نبرة حديثهم حين يكون عن قضية الامام الحسين عليه السلام، ذلك لأن قضية الامام الحسين قضية محورية عند اهل البيت عليهم السلام.

وهكذا فان مسؤوليتنا تتمثل اولاً: في الحفاظ على هذه الشعائر والتأكيد عليها والاستمرار عليها في كل مكان وزمان.

و ثانياً: يجب ان نساهم في نشر هذه الثورة العظيمة في كل مكان في العالم، فلا تختص قضية الامام الحسين باناس دون اخرين، بل هي ترتبط بكل العالم، ولابد من ايصالها الى جميع الناس في العالم.

فمن حق الف مليون صيني، ومثله في العدد من الهنود، وملايين الافارقة، ومثلهم في امريكا اللاتينية، ان يستنيروا بنور ابي عبد الله الحسين ويتعرفوا على نهضته المباركة.

ومسؤوليتنا في ايصال هذا النور الى كل انسان في العالم، ويمكن القيام بذلك عبر الامور التالية:

1-  اظهار الجوانب الانسانية في ثورة الامام الحسين عليه السلام، كقبوله توبة الحر بعد ان جعجع به وبعياله، و تعامله المتساوي بين ابنه علي الاكبر وذلك العبد (جون) الذي لم يكن له نسب ولا حسب و…

2-     بيان اهتمام الامام الحسين وقضيته بجانب المرأة، التي ظلمها اهل العالم واكرمها الاسلام ورفع شأنها الامام الحسين عليه السلام.

لقد حملت السيدة زينب راية ثورة ابي عبد الله عليه السلام بعد استشهاده، بل كانت هي ولية الامر للمسلمين جميعاً فترة من الزمن بسبب مرض الامام زين العابدين عليه السلام، وهذا اعظم مقام يمكن لاحد ان يصل اليها، وقد وصلت اليه امرأة، في ثورة ابي عبد الله الحسين.

3-  بيان جوانب الايثار في قضية الامام الحسين، كيف ان الامام اثر اعداءه وسقاهم الماء، وكيف ان اصحاب الامام الحسين عليه السلام كانوا يؤثرون على انفسهم في احلك الظروف.

4-   بيان جانب السلم الذي دعا اليه الامام الحسين عليه السلام وعمل من اجله، اذ كان بمقدور الامام ان يقاتل جيش الحر قبل وصول اعداءه، والقضاء عليهم ثم فتح الكوفة، ولكن الامام عليه السلام كان يكره ان يبدأ القوم بالقتال، وحتى يوم عاشوراء لم يأذن الامام لاصحابه بالقتال الا بعد ان جاءتهم رشق السهام كالمطر، فقال عليه السلام:” ُ هِيَ رُسُلُ‏ الْقَوْمِ‏ إِلَيْكُمْ‏ فَقُومُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى الْمَوْتِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْه‏”[10].

5-   الاهتمام بالطفولة، وبيان مظلومية اطفال كربلاء، وكذا ذكر جانب مظلومية الاسرى وقضية الاسير.



[1] الاحزاب: 44- 48

[2] كامل الزيارات: ص 262

[3] بحار الانوار: ج91،ص 184

[4] بحار الانوار: ج44، ص 164

[5] اللهوف على قتلى الطفوف: ص 160

[6] الامالي (للصدوق): ص 130

[7] المصدر.

[8] المصدر.

[9] كامل الزيارات: ص 144

[10] مناقب ال ابي طالب: ج4،ص 100