Search Website

ميراث عاشوراء (8) – عوامل نهضة الامة الاسلامية

ميراث عاشوراء (8) – عوامل نهضة الامة الاسلامية

بسم الله الرحمن الرحیم

فَإِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَ الَّذينَ قُتِلُوا في‏ سَبيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (4) سَيَهْديهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ (5) وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (6) يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (7)}[1].

و ورد في زيارة الامام الحسين، عليه السلام،:”السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ‏ حِكْمَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَابَ حِطَّةٍ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ) السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عَيْبَةَ عِلْمِ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْضِعَ سِرِّ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللَّهِ وَ ابْنَ ثَارِهِ وَ الْوِتْرَ الْمَوْتُورَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْأَرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي وَ نَفْسِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصِيبَةُ وَ جَلَّتِ الرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنَا وَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَام‏”[2].

هناك تساؤلات تُطرح كلما تجددت علينا مناسبة عاشوراء، منها ما قول القائل: لماذا كان القَدَر أن يرزء الاسلام بمثل مصاب الامام الحسين عليه السلام، الم يكن ريحانةً لرسول الله صلى الله عليه واله؟ اليس هو واحد السبطين، وسيد شباب اهل الجنة؟ فلماذا وقعت عليه هذه الرزية التي لم ولن تشهد الدنيا مثيلاً لها؟

المعروف ان الله سبحانه وتعالى يحب اولياء وينصر عباده، وهذه سنته عزوجل في خلقه، بأن ينصر من ينصره، حيث قال تعالى: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهاد}[3]، فهل كان مقتل الامام الحسين عليه السلام انتصاراً له؟ وهل كان سحق بدنه السليب بسنابك الخيل كذلك؟ وماذا عن سبي نساءه وذراريه؟

ان الله سبحانه نصر انبياءه واولياء في التاريخ، حيث رفع اليه ادريس عليّاً حينما اراد القوم ان يقتلوه، و صنع لنوح النبي عليه السلام سفينة ركبها مع من آمن بالله، وانجاهم الله بها من الغرق، وانقذ الله خليله ابراهيم من نار ملتهبة فجعلها برداً وسلاماً على ابراهيم، كذلك كانت نصرة الرب لنبيه محمد صلى الله عليه واله في كل المواطن والمواقف، من بدر وحنين وخيبر و..

كيف استُبدلت هذه السنة، بسنة اخرى اقتضت شهادة ابي عبد الله الحسين عليه السلام؟

ويستتبع هذا التساؤل تساؤلاً اخر، لماذا نجد ما تسمى بالحضارات او المدنيات او المجتمعات البشرية، تحيى لفترة وتموت، وتكون لها ادوار، تتمثل في قوس الصعود، وقوس البقاء و قوس النزول.؟

تتوارث هذه الحضارات و المجتمعات اجيال ثلاثة، جيل البناة، ثم جيل الرعاة، وفي النهاية جيل التابعين.

كم من حضارة شيدت وانتشرت وسادت، ثم لم تلبث ان دمرت وبادت، ولم يبق منها الا بعض الاثار الدالة على وجود حضارة بائدة، كانت في زمنٍ مضى.

في قبال هذه المجتمعات مجتمعات اتبعت نهج الله سبحانه، وبنسبة اتباعها للنهج الالهي بقيت واستمرت مسيرتها، فمثلاً بنو اسرائيل الذي تعرضوا لعواصف عاتية كهجمة بخت النصر الذي قتل منهم سبعين الفاً، الا انهم بقوا وصمدوا، وهكذا اصحاب النبي عيسى عليه السلام، الذين تعرضوا لاشد انواع العذاب، كحفر الاعداء الاخاديد لهم والقاءهم في نيرانها.

وكذلك صمد المسلمون امام كل التحديات والزلازل، من حروب داخلية استمرت عقود متطاولة من الزمن، ومن تسلط الحكومات الفاسدة وقهرهم للعباد وتدميرهم للبلاد على طول البلاد الاسلامية وعرضها، ومن مؤامرات خارجية تمثلت في الحروب المختلفة، كالحروب الصليبة، والاعصار التتري، الاعصار الذي هدم العراق ولم يستعيد العراق عافيته منذ ذلك الاجتياح الغاشم، وكذلك المؤامرات الثقافية التي قام بها افراد من داخل الاسلام كابن المقفع وابن ابي العوجاء وغيرهما بغية تدمير الاسلام من الداخل، او المؤامرات الثقافية من شرق العالم وغربة لتدمير الحضارة الاسلامية.

اقول، تعرضت الامة الاسلامية لكل ذلك، ولكنها بقيت صامدة، وزاد انتشارها في العالم يوماً بعد اخر.

فلماذا بقيت هذه الحضارات، وخصوصاً الحضارة الاسلامية ودمّرت تلك ولم يبق منها الا اسماءً وقليلاً من الاثار؟

ان جواب السؤال هذا، هو سر السؤال الاول، بمعنى ان المجتمعات الاسلامية لو كانت مجتمعات رخوة، تعيش على فرش من حرير، لم تكن لتستمر الى يومنا الحاضر، ولم تكن قادرة على الصمود امام ايسر التحديات.

فلو لم تكن تتحمل الامة المصائب والمشاكل، ولم تكن تقدم التضحيات، كان من السهل عليها ان تتخلى عن قيمها ومبادئها، فمن ملك العباد بغير حرب، يهون عليه تسليم البلاد، فحينما يحصل الانسان على الدين بسهولة ويسر، يهون عليه تركه والتخلي عنه.

اما اذا وصل الدين الى المرء عبر رجال افذاذٍ ابطال، ضحّوا من اجل دينهم ومبدئهم، فإن الامة سيصلب عودها ويشتد عمودها، وتبقى مستطيلة على المشاكل والمصاعب.

ومن هنا كان التقدير الالهي في ايجاد ملحمة لكل امة تزود الامة بروح الصبر والتحدي والصمود، فكانت ملحمة كربلاء هي الاعظم في التاريخ لأن الاسلام اراد له الله ان يبقى الى يوم القيامة.

ونشر بعض اتباع بني امية – بعد افتضاح امرهم- فكرةً متمثلة ان الامام الحسين عليه السلام لم يكن اقل من النبي عيسى عليه السلام، وكما رفع الله عيسى اليه، رفع الامام الحسين عليه السلام، ولم يقتل الناس الامامَ في كربلاء.

وفي الواقع ان هذه الفكرة اشيعت للتخلص من اعباء مسؤولية مقتل الامام الحسين وتمييع الناس، والحق ان الامام الحسين عليه السلام، هو الذي استشهد وقتل، كما استشهد ابوه امير المؤمنين عليه السلام، وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله:”مَا مِنَّا إِلَّا مَقْتُولٌ‏ أَوْ مَسْمُوم‏”[4].

بل ان ابناء الامام الحسين قتّلوا في كل مكان، وجزّروا كما تجزر الاضاحي، وكان الاعداء من بني امية وبين العباس يهدفون ابادة ابناء هذا البيت الطاهر، وقصة حميد بن قحطبة ليست بعيدة على المطلعين، الذي قتل ستين علوياً في ليلة واحدة، وقصص التاريخ شاهدة على ان بغداد بنيت على عظام العلويين من ابناء علي وفاطمة عليهما السلام.

وليست حادثة فخ الا واحدة من حوادث اجرام الحكومات الجائرة ضد اهل البيت عليهم السلام، حيث قتل كل من كان في معسكر الحسين بن علي صاحب فخ، حتى انهم قتلوا السبايا.

كل تلك الحوادث شواهد حيّة، تؤكد استشهاد الامام الحسين عليه السلام، واستشهاد ولده وبنيه، حتى صدع الامام زين العابدين عليه السلام بمقولته التي هزّ بها عروش الظلمة والطغاة في كل التاريخ، حين قال:” أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِي يَا ابْنَ زِيَادٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ‏ لَنَا عَادَةٌ وَ كَرَامَتَنَا الشَّهَادَةُ”[5].

إن الحضارات البشرية لا تمتلك افاق معنوية، ولذلك فانها تعتمد على الموارد المادية، واذا انتهت الموارد المادية تنتهي حضارتهم، فحضارة تقام على عين ماء، تنتهي بجفاف ماءها، واذا ما اعتمدت الحضارة على قوة ابناءها من الناحية البدنية، تبيد بانتهاء تلك القوة، وكذلك الحضارة التي تقوم على اساس مجموعة من المعلومات، ينهدم بناءها الحضاري اذا ما انتهت المعلومات، كما حصل في حضارة اثينا حيث اعتمدوا على بعض المعلومات في المجالات المختلفة، فلما تبين خطأ معلوماتهم انهارت حضارتهم.

واقولها صراحة، لا تخدعكم المظاهر البرّاقة في الحضارات الغربية او الشرقية، إنها جميعاً زائلة عن قريب، لأنها لا تعتمد الا على قيم مادية، كالتقنية او النفط او سائر الماديات، انها جميعاً تنتهي، اما المعنويات والروح فهي التي تبقى وتستمر عند الانسان، وبها بقاء الحضارات.

وهذا هو السبب الذي جعل الامة الاسلامية امة مستطيلة على كل التحديات ومستمرة في مسيرتها.

وفي الحقيقة ان الحضارة الاسلامية تتحرك بحركة ابناء مدرسة اهل البيت، حيث يشكل النبي واهل بيته عليهم السلام، الداينمو والمحرّك الاساس لحركة الامة. وهناك الكثير من الشواهد التاريخية والانية على هذه الحقيقة، الا ترى كيف ان اعين الشباب المؤمن في كل العالم الاسلامي ترنوا نحو شباب العراق وايران وسوريا ولبنان وصمودهم امام الاعداء.

وبالاضافة الى ذلك فان الامة الاسلامية تمتلك عناصر القوة الدافعة نحو الصمود، كشعيرة الحج والبيت الحرام، والقرآن الكريم، والملاحم التاريخية.

كيف نستعيد حضارتنا؟

ولكننا لو اردنا ان تتجاوز الامة العقبات المحيطة بها، وتتصدى للاهداف الكبرى التي رسمها الله سبحانه لها، كقوله تعالى: { وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ في‏ سَبيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصيرا}[6].

وتعود الامة خير امة، كما قال سبحانه: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَ أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُون‏}[7].

و ترجع الامة كما ارادها الله سبحانه وجعلها شاهدة وقائدة على الامم الاخرى، كما قال سبحانه: { وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيداً }[8].

ومن اجل كل ذلك، لابد ان ننتبه الى عوامل قوتنا وصلابتنا، ونتزود منها، ونزيد منها في انفسنا، ونجعل منها سلاحنا الحاسم. وتتمثل عناصر قوة الامة الاسلامية في القرآن الكريم، والنبي واهل بيته عليهم السلام، حيث يقول ربنا سبحانه: { وَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ وَ أَنْتُمْ تُتْلى‏ عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَ فيكُمْ رَسُولُهُ وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقيم‏}[9]، ويقول ربنا بعد اية: { وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَميعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى‏ شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون‏}[10].

اولاً: القرآن الكريم

اما كتاب الله فلا يزال كتاباً حيّا ينير الدرب، وفرقاناً يكشف الحق عن الباطل، وذكراً، ونوراً وضياءا.

ولكنا بحاجة الى المزيد من التعامل مع هذا النور والفرقان، بالمزيد من التدبر في ايات القرآن الكريم، والمزيد من التأويل بالصورة الصحيحة، بمعنى استنطاق القرآن الكريم واخذ الاجوبة الشافية منه لكل مشكلة.

وتطبيق القرآن على ارض الواقع يجعله فرقاناً، اما تركه على الرف لا يجعله كذلك بالنسبة الى حياتنا، كمن يجعل الضياء في منزله ثم يلتمسه وهو يسير في السبل المظلمة.

إن البعض من الناس يملك افكاراً جاهزة، وشهوات عارمة، واهواء متقلبة، ويكتفي بكل ذلك عن سؤال القرآن الكريم والرجوع اليه، ان مثل هذا لن يقدر على التقدم والتطور.

بل المفروض على الامة ان تجعل القرآن ثقافة الجامعات والحوزات، ويكون القرآن ثقافة الامة في الاعلام والتربية والتعليم، وفي سائر آفاق الحياة.

ثانياً: اهل البيت عليهم السلام

اما بالنسبة الى اهل البيت عليهم السلام فاذكر نقاطاً اربع، تشكل خارطة الاستفادة من العترة عليهم السلام في حياتنا، وهي كما يلي:

الف/ حب العترة

لقد اُمرَ ابناء الامة بحب النبي واهل بيته عليه وعليهم السلام، والمفروض ان نزداد حبّاً لهم يوماً بعد يوم، وهو برنامج الهي جعل من اجل اتباعهم، ذلك لأن حب الانسان لاحد يستتبع حبه لفكره وثقافته ومنهجه واخلاقه، ويتناغم مع سلوكياته، وهكذا ورد في الاثر عن أمير المؤمنين عليه السلام:”وَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحَبَ‏ حَجَراً لَحَشَرَهُ اللَّهُ مَعَه‏..”[11]

وبحمد الله وفضله ومنّه، فانا نملك هذا الحب، ويعود الفضل ايضاً الى ابائنا، وكذلك الى العلماء والخطباء، ولكن لابد ان نزداد حبّاً لهم عليهم السلام.

ب/ معارفهم

علينا ان نعرف معارف النبي واهل بيته عليهم السلام، فبيننا وبين ائمتنا والنبي بحرٌ عميق، لابد ان نسلكه حتى نقترب اليهم.

وهناك تقصيرٌ من قبل العوائل في مجال تعلم معارف اهل البيت عليهم السلام،خصوصاً بالنسبة الى الاطفال، اذ ترى ان الطفل يبدأ حياته على افلام الكارتون ثم يتربى في المدارس الحكومية ومن ثم يدخل الجامعة وبعدها المجتمع، دون ان يكون للطفل اطلاعاً على روايات واحاديث اهل البيت عليهم السلام.

وانا ادعو الهيئات الحسينية ان تجعل حفظ الاحاديث برنامجاً من برامجها الدائمة، حيث يقوم ابناء الهيئة بحفظ حديثٍ من احاديث اهل البيت عليهم السلام كل يوم، فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله:”مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ‏ حَدِيثاً- يَنْتَفِعُونَ بِهَا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقِيهاً عَالِماً”[12].

ج/ سيرتهم

إن لمعرفة سيرة النبي واهل بيته عليهم السلام الدور الكبير في اتباعهم والاخذ من سيرتهم، ولم تكتب سيرةُ نبيٍ من الانبياء كما كتبت سيرة نبينا الاكرم صلى الله عليه واله.

وعلى كل واحد من ابناء الامة ان يسئل نفسه، كم يعرف من سيرة النبي والائمة؟ وكم كتاباً قرء في هذا المجال؟ هل هو مطلعٌ على مغازي رسول الله صلى الله عليه واله؟

فلابد لكل مؤمن بأهل البيت عليهم السلام ان يزيد من معرفته بسيرتهم العطرة.

د/ شعائرهم

جاء في الأثر عن امير المؤمنين، عليه السلام، انه قال:”.. إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اطَّلَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَاخْتَارَنَا وَ اخْتَارَ لَنَا شِيعَةً يَنْصُرُونَّا وَ يَفْرَحُونَ‏ لِفَرَحِنَا وَ يَحْزَنُونَ لِحُزْنِنَا وَ يَبْذُلُونَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَنْفُسَهُمْ فِينَا وَ إِلَيْنَا”[13].

وعن الامام الصادق عليه السلام:”اللهم إن شيعتنا منا خلقوا من فاضل‏ طينتنا و عجنوا بماء ولايتنا”[14].

الموالي لأهل البيت عليهم السلام، يعرف من خلال سيرته في حياته، فيكون يوم حزن الائمة يوماً لحزنه، وكذا فرحه بفرح ائمته عليهم السلام.

إن الشعائر متنوعة ومنتشره في العالم، ولكنها تبقى قليلة بالنسبة الى عظمة اهل البيت ومكانتهم.

ومن هذه الشعائر زيارة مراقد اهل البيت عليهم السلام، وزيارة مراقد كل وليٍ ينتسب الى هذا البيت الطاهر، اذ لا توجد بقعة من البلاد الاسلامية الا ولاهل البيت فيها قتيل وشهيد، وهذه القبور الطاهرة والاضرحة المنورة، امانٌ لاهل تلك المنطقة.

لا تعيروا اهتماماً للسلفية وافكارهم الفاسدة، انها افكارٌ تزول وتنتهي، حتى لو انتشرت في آنٍ من الزمن بسبب اموال البترودولار والغازدولار، اذ لا قيمة لأفكارهم، وستبقى اضرحة اهل البيت وابناءهم شامخة كما كانت دائماً وابداً كذلك.

وفي كربلاء – حيث اتشرف بانتسابي اليها – يفتخر الناس بخدمة زوار الامام الحسين عليه السلام، فيقدمون الغالي والنفيس لاستضافة الزائر، بل يتلهفون لتقديم الخدمة لزائر الامام الحسين عليه السلام، وقد شاهدت الكثير من اهالي كربلاء تنهمر عيونهم دموعاً حين يشاهدون عودة الناس عند انتهاء مواسم الزيارة كالاربعين، حزناً وكمداً على رحيل الزائر.

اننا في كربلاء، نعتبر انفسنا ابناءاً للامام الحسين، ومن واجب الابن ان يقوم بتقديم الخدمة لضيوف ابيه.

وبكلمة ؛ ان شعائر اهل البيت علامة علاقتك بالائمة الطاهرين عليهم السلام، كالمجالس والزيارات والاستماع الى الخطباء والرواديد،(الذين اعتبرهم ناطقين بإسم الامام الحسين عليه السلام، حيث يبينوا للناس ما جرى على الامام واهل بيته واصحابه في كربلاء)، وابداء الحزن والعزاء على الائمة عليهم السلام.


[1] محمد: 4-7

[2] المزار: 143

[3] غافر: 51

[4] كفاية الاثر في النص على الائمة الاثني عشر: ص162

[5] اللهوف على قتلى الطفوف: 162

[6] النساء: 75

[7] ال عمران:110

[8] البقرة: 143

[9] ال عمران: 101

[10] ال عمران: 103

[11] الآمالي: ص 210

[12] صحيفة الامام الرضا عليه السلام: 65

[13] تأويل الايات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة: ص 641

[14] بحار الانوار: ج53، ص 303